أبحاث| مواد جديدة تخزّن الطاقة المتجددة لسنوات
بينما يبتعد العالم المتقدّم عن استخدام الوقود الأحفوري (وهو وقود يتكوّن من عمليات طبيعية، مثل التحلّل اللاهوائي للكائنات الميتة المدفونة، والذي يحتوي على جزيئات عضوية تطلق الطاقة عبر الاحتراق)؛ وفيما تتحوّل الدول الصناعية إلى اعتماد الطاقة المتجددة لمعالجة تغيّر المناخ المهدّد للبشرية، تزداد أهمية الحاجة إلى طرق جديدة لالتقاط وتخزين الطاقة.
في هذا الإطار، اكتشف باحثون من جامعة لانكستر في لندن مادة بلورية ذات خصائص جديدة تسمح لها بالتقاط الطاقة من الشمس؛ حيث يمكن تخزين الطاقة لعدة أشهر بل لسنوات عبر درجة حرارة الغرفة، ويمكن إطلاقها عند الطلب على شكل الحرارة.
مع مزيد من التطوير، يمكن أن توفّر هذه الأنواع من المواد إمكانيات ممتازة كطريقة لالتقاط الطاقة الشمسية خلال أشهر الصيف، وتخزينها لاستخدامها في الشتاء _ حيث تتوفّر طاقة شمسية أقل.
تفاصيل البحث حول المادة الجديدة
تم تحديد البحث، في الورقة البحثية تحت عنوان “تخزين الطاقة الشمسية الطويل الأمد في ظل الظروف المحيطة”؛ ونشرتها مجلة Chemistry of Materials الأميركية؛ وتضمّن فريق البحث جون جريفين، وكيران جريفيث، وناثان هالكوفيتش، وجميعهم من قسم الكيمياء بجامعة لانكستر.
ويرى العلماء المتابعون أنّ هذه المواد لا تقدّر بثمن وستثبت أهميتها مع مرور الوقت، كمكمّل صديق للبيئة لناحية التدفئة التقليدية في المنازل والمكاتب. ولفتوا إلى أنّه يمكن انتاج هذه المواد كطلاء رقيق وتطبيقه على سطح المباني، أو استخدامه على الزجاج الأمامي للسيارات حيث يمكن استخدام الحرارة المخزّنة لإزالة الجليد عن الزجاج في صباح الشتاء المتجمد.
هذا، وتعتمد المادة على نوع من “الإطار المعدني العضوي”/MOF . و تتكوّن من شبكة من أيونات المعادن مرتبطة بجزيئات كربونية لتشكيل هياكل ثلاثية الأبعاد. ومن الخصائص الرئيسية للأطر العضوية المعدنية أنها مسامية، مما يعني أنّها يمكن أن تشكّل مواداً مركبة عن طريق استضافة جزيئات صغيرة أخرى داخل هياكلها.
وانطلق فريق لانكستر الباحث لاكتشاف ما إذا كان يمكن استخدام مركب MOF، الذي تم إعداده مسبقًا بواسطة فريق بحث منفصل في جامعة كيوتو في اليابان والمعروف باسم “DMOF1″، لتخزين الطاقة – وهو شيء لم يتم البحث عنه مسبقًا.
اطلاق الطاقة أكثر من مرّة
خلال الاختبارات، قام الباحثون بتعريض المادة لضوء الأشعة فوق البنفسجية، وذلك بهدف تغيير شكل جزيئات الآزوبنزين داخل مسام الإطار العضوي، وبالتالي تقوم المادة من خلال هذه العملية بتخزين الطاقة. الأهم من ذلك، أنّ مسام الأطر العضوية الضيقة تحبس جزيئات الآزوبنزين، ممّا يعني أنّه يمكن تخزين الطاقة الكامنة لفترات طويلة من الوقت معتمدة على درجة حرارة الغرفة.
ولفت الباحثون إلى أنّه يمكن إطلاق الطاقة أكثر من مرة، عندما يتم تطبيق الحرارة الخارجية كمحفز لـ “تبديل” حالتها، ويمكن أن يكون هذا الإطلاق سريعًا جدًا، ومن شأنه أن يوفّر دفعة حرارة يمكن استخدامها لتدفئة مواد أخرى من الأجهزة.
هذا، وتم تحميل مسام الأطر العضوية المعدنية بجزيئات من الآزوبنزين – وهو مركب يمتصّ الضوء بقوة. وتعمل هذه الجزيئات كمفاتيح ضوئية، وهي نوع من “الآلة الجزيئية” التي يمكن أن تغيّر شكلها عند تطبيق محفز خارجي، مثل الضوء أو الحرارة.
لا خسائر في تخزين واطلاق الطاقة الشمسية
كشفت اختبارات أخرى أنّ المادة قادرة على تخزين الطاقة لمدة أربعة أشهر على الأقل، وهذا ما يعتبره الباحثون جانباً مثيراً للاكتشاف. إشارة إلى أنّه كانت قد تمت دراسة مفهوم تخزين الطاقة الشمسية في المحوّلات الضوئية من قبل، لكن ليس بهذا التطوّر.
وقال الدكتور جون جريفين، كبير المحاضرين في كيمياء المواد بجامعة لانكستر والباحث الرئيسي المشترك في الدراسة: “تعمل المادة على توفير الحرارة.” وتابع، الشيء الجميل في هذه المادة أنها تلتقط الطاقة “الحرة” مباشرة من الشمس. كما أنها لا تحتوي على أجزاء متحركة أو إلكترونية وبالتالي لا توجد خسائر في تخزين وإطلاق الطاقة الشمسية.
ويرى الباحثون أنّ نتائج الأبحاث هذه تفتح طرقًا جديدة لمعرفة المواد المسامية الأخرى، التي قد تحتوي على خصائص تخزين طاقة جيدة، باستخدام مفهوم المحوّلات الضوئية المحدودة.